ستيبان فاسيلتشينكو ( اوكرانيا)
الحساب الفلاحي
— أليس معك أي جريدة أو كتاب يا فاسيلي ايفانوفيتش؟ — وهو يلف أجرة الرحلة في منديل سأل سائق العربة أنتون المحتكر الصغير.
اخذ فاسيلي ايفانوفيتش ، سيد في منتصف العمر تكسو وجهه الحمرة ذو بطن دائرية نفسا طويلا من سيجارتة واطلق سحابة من الدخان.
— ولما لك الكتيب ؟ — سأل عابسا بحواجبة الرفيعة.
اردت ان اتسلي بعض الشيئ في العيد فلقد نسيت متي وأي كتابا كان عندنا في الدار. — يجيب أنطون- وعلي ما يبدو انني قد نسيت الابجدية.
— وهل يضيرك ذلك كثيرا ؟ في الحقيقة انه لأمر فارغ — أن تقرأ كتابا ! – تحدث فاسيلي ايفانوفيتش. – بل أن الأمر كليا لا يليق بك.
— بديهيا... فهل يلزمنا أن نفكر في الكتب – موافقا أجاب أنتون- أحيانا وبعد العمل لا يمكننا حتي مجرد النظر لأعلي وليس في كتاب !..
— كنت أقول ألا يوجد أي شيئ من هذا القبيل لأجلي – تحدث انتون بعد برهة من الصمت والانتظار – لكي أقرأهه بعد الغداء حتي لا يصيبني الملل.
— حقا ها هو – قال المحتكر الصغير بعد تفكير – سوف احضر لك الكتاب المقدس. لن تجد اكثر من هذا كتابا مناسبا للعيد.
— يوجد عندي كتاب مقدس يا فاسيلي ايفانوفيتش – قال أنتون- أليس هناك أي شيئ اخر؟... ربما يوجد شيئ يكتب عن الارادة أو عن الأرض؟
حدق فاسيلي ايفانوفيتش بعينيه ونظر نظرة صارمة وعض علي شفته.
— مثل هذة الكتب كما تقول لا تتواجد عندي يا أخي. ألا تعرف الي أين يخفون الناس الأن بسبب هذة الكتب ؟ — نظر فاسيلي ايفانوفيتش الي أنتون بشكل صارم
— انني انصحك كصديق يا انتون -حافظ علي نفسك فهذة الكتب مثل النار. وطالما انك تريد أن تقرأ شيئا فلتنتظر- سوف اعطيك كتابا اخرا.
ذهب فاسيلي ايفانوفيتش الي غرفة اخري وفتح دولابا واخذ يفتش في كومة من الاوراق والكتب ثم سحب من الاسفل كتابا قديما مقطع مكتوب علي غلافه تعليم الحساب لـ يفتوشيفسكي ثم نفض من عليه التراب وحمله لأنتون.
— اليك كتابا يا أنتون – قال فاسيلي ايفانوفيتش معطيا كتاب تعليم الحساب لأنتون – حقا فهو كتاب مفيد فيه كل مسألة كما لو كانت لغزا بالنسبة لك وسوف تعصر رأسك في التفكير حتي تتوصل للنتيجة.
— اشكرك يا فاسيلي ايفانوفيتش – قال أنتون . ثم أخذ الكتاب دون أن ينظر اليه ووضعه تحت ابطه وودعه وخرج من الدار.وقف فاسيلي ايفانوفيتش علي الباب ونظر طويلا متتبعا اياه ثم اطلق ضحكة هادئة.
شاعرا بالمرح والسرور تبسم ابتسامة بدت علي لحيتة الكستنائية ثم ذهب لغرفة أخري لكي يتناول الغداء. ؛
وبعد أن اخذ قسطا من الراحة بعد تناول الغداء أخذ المحتكر الصغير عصاه وذهب في نزهة. ذهب فاسيلي ايفانوفيتش الي القرية متكئا علي عصاة. وهناك عند الافنية والدور كانت تجلس مجموعات من الرجال والنساء يتحدثون .كانت الاولاد تمرح علي العشب ويسمع غناء البنات في الجوار. في القرية لا يوجد «أسياد» سوي فاسيلي ايفانوفيتش ، وهو يشعر بنفسة كالأمير الصغير. فالناس تنحني له وهو يومئ لهم براسة ويطيب له ان يري هذا الاحترام لشخصة.
ها هو الفلاج الفلاح ليتوفكا قادما ببنيته الضخمة وينحني له انحنائة صاغرة كالشجرة التي أمالتها ريح قوية.
يستنتج فاسيلي ايفانوفيتش لماذا ينحني أمامة ليتوفكا هكذا حيث ان موعد سداد السند قد اقترب وفي الغالب ليس لدية المال الكاف ... " لا عليك سوف ننتظر – فكر في نفسه – ولكن يجب عليك سداد الفوائد في موعدها "
يتقدم فاسيلي ايفانوفيتش ويدندن في نفشه شيئا ما رائعا وينظر في القرية بعين المالك بحثا علي اي خروقات للنظام.
صرخ في الاولاد ليتوقفوا عن الشقاوة ، خبط عفوا فتاة صغيرة خرجت لاحضار الماء من البئر.
يصل الي فناء أنطون . وفي جنينة الكريز بجوار الدا ر يري ناسا يجلسون ويضحكون وبينهم أنطون ومعه الكتيب. " ها... يقرؤن كتيبي! — فكر فاسيلي ايفانوفيتش في نفسة – لعلهم يقرأونه لانفسهم " . متوقفا عند جنينة الكريز سأل :
— ماذا ؟ كيف الكتيب – أعجبكم؟
— أجل ؛ لا شيئ ! – اجاب أنطون – كتيب مسلي.
— جيد ؛ اقرأوا ؛ اقرأوا ! – قال فاسيلي ايفانوفيتش ويذهب مواصلا السير.
" كتيب مسلي ! ... – ضحك في نفسه — فكل ما يهمهم الثرثرة وفي أي شيئ لمجرد الثرثرة . بل ويضحكون مصهللين ! فماذا وجدوا هناك مضحكا هكذا ؟
ثم دفعة الفضول الي الاستماع فرجع من الطريق وبشكل غير ملحوظ اقترب من السور وبدأ يستمع خلسة حيث كان أنطون يقرأ بصوت مسموع.
" كان يجب علي فلاح أن ينقل من المدينة 50 مصباحا بشرط أن يدفع له مقابل كل مصباح تم نقله سليما 5 كابيكات ويخصم منه عن كل مصباح مكسور واحد روبل و20 كابيكات وأثناء النقل كسر منه 3 مصابيح فكم كسب الفلاح مالا بعد تسليم كل المصابيح ؟ "
وبعد أن انتهي أنطون من قراءة المسألة رفع وجهه المحمر من الاجهاد وبعيون مليئة بالمرح نظر الي المستمعين.
— يسأل : كم كسب هو من المال؟ — ضاحكا يعيد أنطون كلامة مرة أخري.
— علي ما يبدو انه كسب كثيرا !– مخرجا غليونة من فمة اجاب جد عجوز ملتحي بسروال ابيض ، ثم ضحك مقهقها.
— لن اقول كم كسب هناك ولكني أعرف أنه لو ظل يكسب بهذة الطريقة فانه سرعان ما سيفقد اخر حصان لديه – أضاف أوخريم بلونة الكستنائي المفعم بالحيوية – اللعنة علي تلك المكاسب!
— ألن يكون ذلك – أخذ يحكي الجد ذو السروال الابيض – كما كسب الفتي زخاروف من ادخارة . مكث اسبوعا يعمل بجوار المطحنة عند الباشا ورجع لبيته في مساء السبت . " هيا ياولدي – يقول الاب – أعطني النقود فاني ذاهب الي المدينة غدا لاشتري بعض الضروريات " . فيجيب الابن " حتي وان ضربتني او شتمتني لن احضرلك نقودا ولو مليما واحدا ! " فيقول الاب " أين اخفيتهم يا ابن الكلب؟ هل فقدتهم او ربما تكون قد سرقتهم؟ ثم يقول "لم أكن هكذا أسفا لو انك فقدتهم او سرقتهم ولكن اسفي انني لم اري نقودا في يدك مطلقا ! " ثم واصل الحكاية بان هناك شيئ ما قد انكسر بجانب غربال المطحنة وحملوه المسؤلية عن هذا الخطأ . قام المسؤول عن المطحنة بتوبيخة وعند الحساب لم يعطه أي كابيكة بل وامرة بان ياتي ليعمل اسبوعا اخرا حتي يعوض الخسائر . ويستمع الاب لذلك مرارا ثم يقول « هكذا يا ولدي اكسب دائما حتي تصير عما قريب مالكا»... فيمكن القول بان ذلك لم يكسب من المصابيح مثل ما لم يكسب هذا من الغربال . انهي الجد الحكاية .ضحك الجميع.
— المصباح شيئ هش – قال اخرون – وبمجرد اهتزاز العربة سوف ينكسر الزجاج. ولن ينوبه الا تكبد المشقة من تلك الرحلة.
— سوف تقوم بنقلها – قال شخص كئيب – حتي لو لم يكن في دارك قسرة عيش.
وبعد ان ناقشوا امر المصابيح من جميع الجوانب سكت الناس وتناول أنتون الكتاب واخذ يواصل القراءة.
« ها ياله من أمر» – فكر فاسيلي ايفانوفيتش في نفسة وأخذ يتصنط بانتباة.
كان لدي أحد الملاك – واصل انتون القراءة – قطعة بها 857 عشر من الارض وفي اخري أكثر بـ 130 عشر مما في الأولي وفي الثالثة أكثر بـ 150 عشر مما في الثانية فكم عشر من الارض كان لدي المالك ؟ "
وبعد ان انتهي انتون من قراءة المسألة أخذ يشرحها بطريقته:
في قطعة – يقول هو – 857 عشر وفي اخري اكثر بـ 130 وفي الثالثة اكثر من !.. ثم سأل رافعا اصبعة لأعلي مضيقا عينة – كم من الارض عند هذا الباشا؟
— أجل ، ربما عنده من الارض اكثر مما عندنا جميعا ! – يقول ضاحكا احد الفلاحين . – فلو تم تقسيم حتي احدي تلك القطع علي الجميع لكانت كافية لنا ولأولادنا.
يالها من قطع ! – قال أوخريم مبربشا بعينه – هذ ما ليس عندك أو عندي : فهذة القطع تكفي للفلاحة ! أما اذا كان عندة سهم من الارض في يد وفي الاخري نصف سهم وفي الثالثة لا شيئ مطلقا – هل كان سيقوم بالفلاحة ! بل سيذهب كرها لنقل المصابيح !
— و لا بأس في ذلك اذا عرفنا كم سيحصل كل فناء لو تم تقسيم كل هذة الارض بين رجالنا ؟ — قاطع قائلا الشخص الكئيب.
لم يستطع فاسيلي ايفانوفيتش الصبر أكثر من ذلك. خارجا من خلف السور بدأ يصب لومة علي الناس.
— هل هذا هو ما كنت قد قلته لكم بلساني ؟ ... فلم يكتب هذا الكتاب من أجل هذا مطلقا، يجب ان يتعلم من خلالة الحساب ، وانتم تنسجون منه اي هراء . فاذا كنتم ستقرأون بهذة الطريقة فمن الأفضل الا تقرأوا مطلقا !
أجل يا فسيلي ايفانوفيتش ، نحن نقرأ علي قدر مستوانا المتواضع، من الملل ، — اخذت الناس تبرر — فقط لمجرد قتل الوقت .
— ألم يكن من الافضل للتخلص من الملل ان تحاولوا ايجاد ناتج كل مسألة – ابدي تعليماتة فاسيلي ايفانوفيتش — وهذا هو الموجود — الحساب.
الرجال الذين كانوا يجلسون في المقدمة كانوا يتظاهرون بانهم يستمعون الي فاسيلي ايفانوفيتش بأدب . وفي الخلف غمز أوخريم بعينة لجارة وهمس اليه : اذا تأتي تلك الحسبة – يجلبون الخبز للباشا من الحقل وللفلاح من لا شيئ ، فلتعصر رأسك في التفكير – كم كل الارض التي عند الباشا !
انفجر بعض الناس في الضحك ولكنهم مسكوا انفسهم حتي لا يقهقهوا بصوت عالي.
— هل ترون ،- قال مواصلا فاسيلي ايفانوفيتش — ، سامعا ضحكهم – تضحكون وانتم انفسكم لا تعرفون لماذا . أما أنا فأعرف أنه لا أحد منكم استطاع حل المسائل !
— ومن أين لنا ذلك ! – قال الجالسون في المقدمة — نحن ناس قليلي التعلم ، فكيف لنا أن نحسب تلك الحسابات !
ثم قال أوخريم مستطردا لمن يجلس بجوارة :
يمكن القول هكذا ، كم لديك من الارض يا نيكيتا ؟ سهمين ؟ وأنا تقريبا عندي مثل ما لديك . وها نحن قد تلاقينا ونتكلم سويا : دعنا نحسب الارض التي عند الباشا ، عندما لا يكون عندك تقريبا أي شيئ. انت ستقول : كم من الأرض عند الباشا ! وأنا سأقول : ليس عنده هكذا من الارض ! ستقول أنت : تكذب، عنده هكذا ! وأنا سأقول : أنت تكذب ! وبعد ذلك تقوم انت بجذبي من مقدمة شعر رأسي ، وأنا اجذبك من أذنيك – وانطلقت الحسبة... وها هو جريتسكو قادما يسأل : لماذا يتشاجر هؤلاء الناس – اليس من قبيل الصدفة علي الميراث؟
فيضحك الجميع مقهقهين غير قادرين علي كبت أنفسهم . فبدأ يغضب فاسيلي ايفانوفيتش.
انتم ترغون هكذا في اشياء ليست في محلها . أنني اقول لكم – حاول أن يوضح هو — انه في المسالة تكتب هكذا أي أشياء فقط لمجرد وجود أي شيئ نقوم بحسابة.
وهوتماما مثل ذلك الذي نقوله – قاطعة أوخريم – عندما لا يكون عندك في البيت أي شيئ لتقوم بعده ، هيا ...
تفو ! — عبر فاسيلي ايفانوفيتش بقوة عن اشمئزازة– اعطني الكتاب !
صاح في انتون وكاد أن يقتلع الكتاب من بين يديه بقوة.
هل تلزمكم كتب لتقرأوها ؟ ... انتم تريدون فقط ان تجلسوا هكذا تتشدقون بلا فائدة ! وهذا هو الكتاب الذي يروق لكم !
— استدار فاسيلي ايفانوفيتش وغادر المكان مبتعدا . وقهق الجميع .
— هل تعرف يافاسيلي ايفانوفيتش – صاح أوخريم ملاحقا المحتكرالصغير- عندما يكون علينا قسمة الـ 90 عشر خاصتك ، فلربما هكذا ، سنقوم بقسمتها بطريقتنا ، طريقة حساب الفلاح .
— لعلنا استطعنا تقسيمها ، – التقط الكلام الشخص الكئيب .
توقف فاسيلي ايفانوفيتش في الحال تماما كما لو كان قد جزبة أحد من ملابسة. استدار ، اراد ان يقول شيئا ما . ثم بصق واتجة مسرعا نحو ضيعته.
— ها ، كم هو متعجرف ! علي ما يبدو لم تروق له الحسابات بالطريقة الفلاحي ! – قال الناس ضاحكون .
— ياه ، من اين أتي به الشيطان ! – قال اخرون – بمجرد أن يجتمع فردين أو ثلاثة يأتي به الشيطان الي هناك سواء رغب في ذلك أم لا . لم يتركنا نقرأ كما نريد . يا خسارة : لقد كان كتاب فكاهيا !
Арабською переклав Тельвані Абду (Єгипет), професійний перекладач
Попередні оповідання Степана Васильченка у перекладі різними мовами світу:
1) казахською мовою “КҮЗГІ ЭСКИЗ — «Осінній ескіз»
2) «Чайку» українського письменника побачив світ білоруською мовою